الأحد، 24 أبريل 2011

في حضرة الغياب

نحن في الذكرى الثانية لغياب محمود درويش.
هذا صحيح. صحيحٌ أيضاً أن الشاعر والصديق غادر الى غير رجوع، لكن الصحيح الصحيح أنه مقيم هنا والآن. وغداً. شأنه شأن الذين أعمارهم من أعمار الأدب والوجدان ومن أعمارظلالهما الغامرة.
•••
يا لاعب النرد، نحن مثلك نلعب.
مثلك نحن نتعلّم الخسارة.
ما لم نتعلّمه بعد، ولن، خسارتنا لك أنت.
 من جريدة النهار للكاتبه: جمانة حداد


نرحب بكم على موقع الراحل ... الحاضر ... الشاعر الكبير : محمود درويش
"... ليكن رحيله مدخلا لتجنيد كل طاقات المبدعين أفرادا وهيئات بكل المستويات الأهلية والرسمية ليس فقط لسد المنافذ أمام فراغ كبير نشأ برحيله وإنما بالارتكاز إلى تراثه ومدرسته وإبداعه العظيم ..."
محمود عباس .
رئيس السلطة الفلسطينية 
وفاءاً لروحة الطاهره وذكرى مرور 40 يوم على رحيلة .. تم تصميم وتطوير موقعا خاصاُ بالشاعر الأسطورة ..الذي سيبقى دوما في قلوبنا و روحة تلتصق بارواحنا
انه ليس موقعا شخصيا للشاعر وشعرة فحسب ... بل انه بوابة ادبية وتراث فني كوني لجميع محبي السلام ... ومتذوقي الفن الاصيل ... فليكن الوصلة الثقافية التي تجمع النخبة من كل الاصول و الاطياف ...إن هذا الموقع ليس حكرا على احد او تابعا لاحد ... هو ملككم ... ولكم ان تنشروا فية ما احببتم وما يتوافق مع الرسالة الإنسانية التي نادى بهى محمود درويش.
ربما من المبالغ إن قلنا باننا سنشهد اسطورة شعرية كمحمود درويش يوما ما ... فالاسطورة التي بحثنا عنها فوجدناها فية لا تعاد على أمة مرتين لذا فلنخلد هذه الاسطورة ولنتلحق بمدرستة لتعليم المحبة والتعايش بسلام ... ربما من شعره تولد الاسطورة الاخرى او نتعلم كم نحن بحاجة الى الشعر كي نستمر
علام القدومي..
 
 

رائعة محمود درويش "مديح الظل العالي"



خريفنا يدنو من الأبواب

بحرٌ للنشيد المر

لمنتصف النهار

بحرٌ لرايات الحمام

لظلنا ، لسلاحنا الفرديّ

بحرٌ للزمان المستعار

ليديكَ ، كم من موجةٍ سرقت يديك

من الإشارة وانتظاري

ضع شكلنا للبحر

ضع كيس العواصف عند أول صخرةٍ

واحمل فراغكَ … وانكساري

بحرٌ جاهزٌ من أجلنا

دع جسمك الدامي يصفق لخريف المر أجراساً

ستتسع الصحاري عما قليل

حين ينقض الفضاء على خطاك

كنا نقطة التكوين ، كنا وردة السور الطويل وما تبقى من جدار

ماذا تبقى منك غير قصيدة الروح المحلّق في دخان القيامة

وقيامة بعد القيامة

خذ نـُثاري وانتصر في ما يمزق قلبك العاري

ويجعلك انتشارا ً للبذار

قوساً يلّم الأرض من أطرافها

جرساً لما ينساه سكان القيامة من معانيك

انتصــــرْ

إن الصليب مجالك الحيويُّ

مسراك الوحيد من الحصــــار إلى الحصــــــار

بحرٌ لأيلول الجديد . وأنت إيقاع الحديد

تدقُّني سحباً على الصحراء

فلتمطـــــر لأسحب هذه الأرض الصغيرة من إساري

لا شئ يكســـــرنا ، وتنكسر البلاد على أصابعنا كفخارٍ

وينكسر المسدس من تلهفكَ

انتصــــرْ ، هذا الصباح ، ووحد الرايات والامم الحزينة والفصول

كلِّ ما أوتيت من شبق الحياة

بطلقة الطلقات ……. باللاشئ

وحدنــا بمعجزة فلســــــــطينيةٍ

نم يا حبيبي ، ساعةً

لنمر من أحلامك الأولى إلى عطش البحار … إلى البحارِ

نم يا حبيبي ساعة ً

حتى تتوب المجدلية مرة أخرى ، ويتضح انتحاري

نم ، يا حبيبي ، ساعة ً

حتى يعود الروم ، حتى نطرد الحراس عن أسوار قلعتنا

وتنكســــــر الصــــــواري

كي نصفق لاغتصاب نسائنا في شارع الشرف التجاري

نم يا حبيبي ساعة ً حتى نموت

هي ساعة للانهيار

هي ساعة لوضوحنا

هي ساعة لغموض ميلاد النهار

كم كنت وحــــدك ، يا ابن أمّي

يا ابن أكثر من أب ٍ

كم كنت وحـــــدكْ

القمح مـرٌّ في حقول الآخرين

والماء مالح ، والغيــم فولاذ ٌ

وهذا النجم جارح

وعليك أن تحيــــا وأن تحيــــــا

وأن تعطي مقابل حبـّة الزيتون جلدك

كم كنت وحــــــــدك

لاشيء يكسرنا ، فلا تغرق تماما

في ما تبقى من دم ٍ فينا

لنذهب داخل الروح المحاصر بالتشابه و اليتامى

يا ابن الهواء الصلبِ ، يا ابن اللفظة الأولى على الجزر القديمة

يا ابن السيدة البحيرات البعيدة

يا ابن من يحمي القدامى …. من خطيئتهم

ويطبع فوق وجه الصخر برقا ً أو حماما

لحمي على الحيطان لحمك ، يا ابن أمي

جسد ٌ لأضراب الظلال

وعليك أن تمشي بلا طر ُق ٍ

وراء ٌ ، أو أماما ً ، أو جنوبا ً أو شمال

وتحرّك الخطوات بالميزان

حين يشــاء من وهبوك قيدك

ليزينوك ويأخذوك إلى المعارض كي يرى الزوار مجدك

كم كنت وحـــــــــــــــــــــدك !

كم كنت وحـــــــــــــــــــــدك !

هي هجرة أخرى

فلا تكتب وصيتك الأخيرة والسلاما

سقط السقوطُ ، وأنت تعلو

فكرة ً

ويدا ً

و … شاما !

لا بر ّ إلا ســــــــــــــــــاعداك

لا بحر إلا الغامض الكحلي ّ فيك

فتقمص الأشياء كي تتقمص الأشياء خطوتك الحراما

واسحب ظلالك من بلاط الحاكم العربي ّ

حتى لا يعلقها وساما

واكسر ظلالك كلها كيلا يمدوها بساطا ً أو ظلاما

كسروكَ ، كم كسروك كي يقفوا على ساقيك عرشا

وتقاسموك وأنكروك وخبـّأوك وأنشأوا ليديك جيشا

حطـّوك في حجر ٍ .. وقالوا : لا تســلـّم

ورموك في بئــر ٍ .. وقالوا : لا تســلـّم

وأطلت حربك َ ، يا ابن أمي

ألــف عام ٍ ألــف عام ٍ ألــــف عام ٍ في النهار

فأنكروك لأنهم لا يعرفون سوى الخطابة ِ والفرار ِ

هم يســـــــرقون الآن جلدك

فاحـذر ملامحهم ….. وغمدك

كم كنت وحدك ِ ، يا ابن أمي

يا ابن اكثر من أبٍ

كم كنت وحــدك !

والآن ، والأشياء سيدة ٌ ، وهذا الصمت عال ٍ كالذبابه

هل ندرك المجهول فينا ؟ هل نغني مثلما كنا نغني ؟

سقطت قلاع قبل هذا اليوم ، لكن الهواء الآن حامض

وحدي أدافع عن هواء ٍ ليس لي

وحدي أدافع عن هواء ٍ ليس لي

وحدي على سطح المدينة واقف ٌ

أيوب مات ، وماتت ِ العنقاء ُ ‘ وانصرف َ الصحابة

وحـــدي . أراود نفسي َ الثكلى فتأبى أن تســاعدني على نفسي

ووحـــدي …. كنت وحدي

عندما قاومت وحــدي … وحدة الروح الأخيــرة

لا تذكر الموتى ، فقد ماتوا فرادى أو .. عواصــم

سأراك في قلبي غدا ً ، سأراك في قلبي

وأجهش يا ابن أمي باللغة

لغـة ٍ تفتـش عن بنيها ، عن أراضيها وراويهـا

تموت ككل من فيها ، وترمى في المعاجم

هي آخـر النخل الهزيل وساعة ُ الصحراء ِ

آخـر ما يدل على البقايا

كـانــــوا ! ولكن كنت وحدك

كم كنت وحدك تنتمي لقصيدتي ، وتمد ّ زنـدك

كي تحوّلها سلالم ، أو بلادا ً ، أو خواتـم

كم كنت وحدك يا ابن أمي

يا ابن أكثر من أبٍ

كم كنت وحــــدك !

والآن ، والأشياء سيـّدة ٌ ، وهذا الصمت يأتينا سهاما ً

هل ندرك المجهول فينا . هل نغني مثلما كنا نغني ؟

آه ، يا دمنا الفضيحة ، هل ستأتيهم غماما

هذه أمم تمر ُّ وتطبخ الأزهار في دمنا …. وتزداد انقساما

هذه أمم تفتــّش عن إجازاتها من الجَمـَل المزخرف ِ

هذه الصحـــــــــــــــــراء تكبر من حولنــــا

صحراء من كل الجهـات

صحــراء تأتينا لتلتهم القصيدة والحســاما

هل نختفي فيما يفسـّـرُنا ويشبهنا

وهل .. هل نستطيع الموت في ميلادنا الكحلي ّ

أم:

نحتل مئذنة ونعلن في القبائل أن يثرب أجرت قرآنها ليهود خيبر ؟

الله أكـبــر

هـذه آياتنا ، فأقرأ

باســم الفـــــدائي الذي خلقا

من جزمة أُفـُقا

باسم الفــــدائي الذي يــرحل

من وقتــكم .. نداه الأول

الأول .. الأول

ســــندمر الهيـــكل …. ســــندمر الهيـــكل

أشــلاؤنا أســماؤنا . لا … لا مفـر ُّ

ســــقط القناع عن القناع عن القناع

ســـقط القنـاع

لا إخـوة ٌ لك يا أخي ، لا أصدقاء ُ يا صديقي ، لاقــلاع

لا الماء عنـدك َ ، لا الدواء ولا الســماء ولا الدمــاء ُ ولا الشـــراع

ولا الأمـــام ولا الــــوراء

حاصـــــــــــر حصارك َ ….. لا مفـر ُّ

سقطت ذراعك فالتقطها

واضــرب عدوك .. لا مفر ُّ

وسقطت قربك ، فالتقطني

واضرب عدوك بي .. فأنت الآن حــر ُّ

حــــر ٌّ …… وحــــر ُّ

قتلاك أو جرحاك فيك ذخيرة ٌ

فاضرب بها . اضرب عدوك .. لا مفرُّ

أشـــلاؤنا أسماؤنا

حاصـر حصـارك بالجنون ِ …. وبالجنون ِ ….. وبالجنون ْ

ذهب الذين تحبهم ذهبوا

فإما أن تكون أو لا تكون

ســــقط القناع عن القناع عن القناع

ســـقط القنـاع

ولا أحد ْ

إلاك في هذا المدى المفتوح للأعداء والنسيان

فاجعل كل ّ متراس ٍ بلد

لا ……… لا أحـــد ْ

سقط القناع :

عرب ٌ أطاعوا رومهم

عربٌ وباعوا روحهم

عرب ٌ…. وضاعوا

والله غمـّس باسمك البحري أسبوع الولادة واستراح إلى الأبد

كـُن أنت َ. كـن حتى يكـــون !

لا ……… لا أحـــد ْ

هل أنا ألف ٌ ، وباء ٌ للكتابة أم لتفجير الهياكل ؟

كم سنه كنا معا ً طوق النجاة لقارة محمولة ٍ فوق السراب

ودفتر الإعراب ؟

كم عرب ٌ أتوك ليصبحوا غربا ً

وكم غربٌ أتاكِ ليدخل الإسلام من باب الصلاة على النبي ِّ

وسنِّة النفط المقدّس ؟ كم سنة

وأنا أصدِّق أن لي أمما ً ستتبعني

وأنكِ تكذبين على الطبيعة والمسدَّس. كم سنة ، !

من تزوجني ضفائرنا لأشنق رغبتي وأموت كالأمم القديمة

كم سنه أغريتني بالمشي نحو بلادي الأولى

وبالطيران تحت سمائي الأولى

وباسمك كنت أرفع خيمتي للهاربين من التجارة والدعارة والحضارة

كم سنة كنا نرش على ضحايانا كلام البرق :

بعد هنيهة ٍ سنكون ما كنا وما سنكون

إما أن نكون نهارك العالي …. وإما أن نعود إلى البحيرات القديمة

كم سنة لم تسمعيني جيدا ً . لم تردعيني جيدا ً

لم تحرميني من فواكهك الجميلة

لم تقولي:

حين يبتســـم المخيم تعبس المدن الكبيرة !!

كم سنه

قلنا معـا ً: أنا لا أشاء ، ولا تشائين . اتفقنا . كلنـّا في البحر مـاء

كم سـنه كانت تنظـّمنا يد ُ الفوضـى

تعبنا من نظام الغاز

من مطر الأنابيب الرتيب

ومن صعود الكهرباء إلى الغرف

حريتي فوضاي . إني أعترف

وسأعترف بجميع أخطائي ، وما أترف الفؤاد من الأماني

ليس من حق العصافير الغناء على سرير النائمين

والإيديولوجيا مهنة البوليس في الدول القوية

من نظام الرق ّ في روما

إلى منع الكحول وآفة الأحزاب في ليبيا الحديثة

كم سنه

نحن البداية والبداية والبداية .كم سنة

كنا هناك . ومن هنا ستهاجر العرب ُ

لعقيدة ٍ أخرى وتغترب ُ

قصب هياكلنا

وعروشنا قصب ُ

في كل مئذنة ٍ

حاو ٍ ، ومغتصب ُ

يدعو لأندلس

إن حوصرت حلب ُ

بيروت … فجرا ً

يطلق البحر الرصاص على النوافذ

يفتح العصفور أغنية ً مبكرة ً

يطيـّر ُ جارنا رف ّض الحمام إلى الدخان

يموت من لا يستطيع الركض في الطرقات

قلبي قطعة من برتقال يابس

أهدي إلى جاري الجريدة كي يفتش عن أقاربه ……. أعزيه غدا ً

أمشي لأبحث عن كنوز الماء في قبو البناية

يدخل الطيران أفكاري ويقصفها

فيقتل تسع عشرة طفلة

يتوقف العصفور عن إنشاده

والموت يأتينا بكل سلاحه الجوي ّ والبري ّ والبحري ّ

ألـــــــف قذيفة أخرى …. ولا يتقدم الأعداء شبراً واحدا ً

ما زلت حيا ً – ألف شكر ٍ للمصادفة السعيدة

يبذل الرؤساء جهدا ً عند أمريكا لتفرج عن مياه الشرب

كيف سنغسل الموتى ؟

ويسأل صاحبي : وإذا استجابت للضغوط فهل سيسفر موتنا عن

دولة ٍ …… أم خيمـة ٍ ؟

قلت : انتظر ! لا فرق بين الرايتين

قلت : انتظر حتى تصب الطائرات جحيمها !

بيروت ….. ظهرا ً

يستمر الفجر ُ منذ الفجر

تنكسر السماء على رغيف الخبز

ينكسر الهواء ُ على روؤس الناس ِ من عبء الدخان

ولا جديد لدى العروبة !!

بعد شهر يلتقي كل ُّ الملوك بكل أنواع الملوك

من العقيد إلى الشهيد ، ليبحثوا خطر اليهود على وجود الله

أما الآن فالأحوال هادئة تماما ً مثلما كانت

والموت يأتينا بكل سلاحه الجوي والبري والبحري

مليون انفجار في المدينة

هيروشيما هيروشيما

وحدنا نصغي إلى رعد الحجارة

وحدنا نصغي لما في الروح من عبث ٍ ومن جدوى

وأمريكا على الأسوار تهدي كل طفل لعبة للموت عنقودية

يا هيروشيما العاشق العربي

أمريكا هي الطــــاعون ، والطـــــــاعون أمريكا

نعسنا . أيقظتنا الطائرات وصوت أمريكا

وأمريكا لأمريكا

وهذا الأفق اسمنت ٌ لوحش ِ الجو

نفتح ُ علبة َ السردين ، تقصفها المدافع ُ

نحتمي بستارة الشباك ، تهتز البناية

تقفز الأبواب

أمريكا وراء الباب

أمريكا

بيروت …… ليلا ً

يخرج الشهداء من أشجارهم ، يتفقدون صغارهم

يتجولون على السواحل ، يرصدون الحلم والرؤيا

يغطون السماء بفائض الألوان ، يفترشون موقعهم

يسـمـّون الجزيرة ، يغسلون الماء ، ثم يطرزون حصارنا

قططـــا ً …. ونخلا

وحدنــــا ، والله فينا وحدنــــا

الله فينا قد تجلى !

….أمس ِ – الآن َ – بعد َ غد ٍ

نشيد ٌ للخريف

صور لما بعد النهار

وظلال امرأة ٍ غريبة

وطني حقيبه

وحقيبتي وطني

ولكن …. لا رصيف ولا جدار

لا أرض تحتي كي أموت كما أشاء

ولا سماء حولي لأثقبها وأدخل في خيام الأنبياء

ظهري إلى الحائط

الحائط / الساقط !

وطني حقيبه

وحقيبتي وطن الغجر

شعب ٌ يخيـّم ُ في الأغاني والدخان

شعبٌ يفتش ُعن مكان

بين الشظايا والمطر

وجهي على الزهرة

الزهرة / الجمرة

وطني حقيبه

في الليل أفرشها سريرا ً

وأنام فيها

أخدع الفتيات فيها

أدفن الأحباب فيها

أرتضيها لي مصيرا ً

وأموت فيها

كفـِّي على النجمة

النجمة / الخيمه

وطني حقيبه

من جلد أحبابي

وأندلس القريبة

وطني على كتفي

بقايا الأرض في جسد العروبة

لاعب النرد


مَنْ أَنا لأقول لكمْ

ما أَقول لكمْ ؟

وأَنا لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياهُ

فأصبح وجهاً

ولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياحُ

فأصبح ناياً ...

أَنا لاعب النَرْدِ ،

أَربح حيناً وأَخسر حيناً

أَنا مثلكمْ

أَو أَقلُّ قليلاً ...

وُلدتُ إلى جانب البئرِ

والشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْ

وُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْ

وسُمِّيتُ باسمي مُصَادَفَةً

وانتميتُ إلى عائلةْ

مصادفَةً ،

ووَرِثْتُ ملامحها والصفاتْ

وأَمراضها :

أَولاً - خَلَلاً في شرايينها

وضغطَ دمٍ مرتفعْ

ثانياً - خجلاً في مخاطبة الأمِّ والأَبِ

والجدَّة - الشجرةْ

ثالثاً - أَملاً في الشفاء من الانفلونزا

بفنجان بابونجٍ ساخنٍ

رابعاً - كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبَّرة

خامساً - مللاً في ليالي الشتاءْ

سادساً - فشلاً فادحاً في الغناءْ ...

ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ

كانت مصادفةً أَن أكونْ

ذَكَراً ...

ومصادفةً أَن أَرى قمراً

شاحباً مثل ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات

ولم أَجتهد

كي أَجدْ

شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !

كان يمكن أن لا أكونْ

كان يمكن أن لا يكون أَبي

قد تزوَّج أمي مصادفةً

أَو أكونْ

مثل أختي التي صرخت ثم ماتت

ولم تنتبه

إلى أَنها وُلدت ساعةً واحدةْ

ولم تعرف الوالدةْ ...

أَو : كَبَيْض حَمَامٍ تكسَّرَ

قبل انبلاج فِراخ الحمام من الكِلْسِ /

كانت مصادفة أَن أكون

أنا الحيّ في حادث الباصِ

حيث تأخَّرْتُ عن رحلتي المدرسيّةْ

لأني نسيتُ الوجود وأَحواله

عندما كنت أَقرأ في الليل قصَّةَ حُبٍّ

تَقمَّصْتُ دور المؤلف فيها

ودورَ الحبيب - الضحيَّةْ

فكنتُ شهيد الهوى في الروايةِ

والحيَّ في حادث السيرِ /

لا دور لي في المزاح مع البحرِ

لكنني وَلَدٌ طائشٌ

من هُواة التسكّع في جاذبيّة ماءٍ

ينادي : تعال إليّْ !

ولا دور لي في النجاة من البحرِ

أَنْقَذَني نورسٌ آدميٌّ

رأى الموج يصطادني ويشلُّ يديّْ

كان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباً

بجنِّ الُمعَلَّقة الجاهليّةِ

لو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةً

لا تطلُّ على البحرِ

لو أَن دوريّةَ الجيش لم تر نار القرى

تخبز الليلَ

لو أَن خمسة عشر شهيداً

أَعادوا بناء المتاريسِ

لو أَن ذاك المكان الزراعيَّ لم ينكسرْ

رُبَّما صرتُ زيتونةً

أو مُعَلِّم جغرافيا

أو خبيراً بمملكة النمل

أو حارساً للصدى !

مَنْ أنا لأقول لكم

ما أقول لكم

عند باب الكنيسةْ

ولستُ سوى رمية النرد

ما بين مُفْتَرِسٍ وفريسةْ

ربحت مزيداً من الصحو

لا لأكون سعيداً بليلتيَ المقمرةْ

بل لكي أَشهد اﻟﻤﺠزرةْ

نجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّ

وأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْ

وخفتُ كثيراً على إخوتي وأَبي

وخفتُ على زَمَنٍ من زجاجْ

وخفتُ على قطتي وعلى أَرنبي

وعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْ

وخفت على عِنَبِ الداليةْ

يتدلّى كأثداء كلبتنا ...

ومشى الخوفُ بي ومشيت بهِ

حافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عما أريدُ

من الغد - لا وقت للغد -

أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ /

أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أسرعُ / أبطئ / أهوي

/ أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أرى / لا أرى / أتعثَّرُ

/ أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ

/ أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسى

/ أرى / لا أرى / أتذكَُّر / أَسمعُ / أبصرُ / أهذي /

أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أجنّ /

أَضلّ / أقلُّ / وأكثرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أدْمَى

/ ويغمى عليّ /

ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناك

مُصَادفةً ، أو هروباً من الجيشِ /

لا دور لي في حياتي

سوى أَنني ،

عندما عَلَّمتني تراتيلها ،

قلتُ : هل من مزيد ؟

وأَوقدتُ قنديلها

ثم حاولتُ تعديلها ...

كان يمكن أن لا أكون سُنُونُوَّةً

لو أرادت لِيَ الريحُ ذلك ،

والريح حظُّ المسافرِ ...

شمألتُ ، شرَّقتُ ، غَرَّبتُ

أما الجنوب فكان قصياً عصيّاً عليَّ

لأن الجنوب بلادي

فصرتُ مجاز سُنُونُوَّةٍ لأحلِّق فوق حطامي

ربيعاً خريفاً ..

أُعمِّدُ ريشي بغيم البحيرةِ

ثم أطيل سلامي

على الناصريِّ الذي لا يموتُ

لأن به نَفَسَ الله

والله حظُّ النبيّ ...

ومن حسن حظّيَ أَنيَ جارُ الأُلوهةِ

...

من سوء حظّيَ أَن الصليب

هو السُلَّمُ الأزليُّ إلى غدنا !

مَنْ أَنا لأقول لكم

ما أقولُ لكم ،

مَنْ أنا ؟

كان يمكن أن لا يحالفني الوحيُ

والوحي حظُّ الوحيدين

« إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ »

على رُقْعَةٍ من ظلامْ

تشعُّ ، وقد لا تشعُّ

فيهوي الكلامْ

كريش على الرملِ /

لا دَوْرَ لي في القصيدة

غيرُ امتثالي لإيقاعها :

حركاتِ الأحاسيس حسّاً يعدِّل حساً

وحَدْساً يُنَزِّلُ معنى

وغيبوبة في صدى الكلمات

وصورة نفسي التي انتقلت

إلى غيرها « أَنايَ » من

واعتمادي على نَفَسِي

وحنيني إلى النبعِ /

لا دور لي في القصيدة إلاَّ

إذا انقطع الوحيُ

والوحيُ حظُّ المهارة إذ تجتهدْ

كان يمكن ألاَّ أحبّ الفتاة التي

سألتني : كمِ الساعةُ الآنَ ؟

لو لم أَكن في طريقي إلى السينما ...

كان يمكن ألاَّ تكون خلاسيّةً مثلما

هي ، أو خاطراً غامقاً مبهما ...

هكذا تولد الكلماتُ . أدرِّبُ قلبي

على الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ ...

صوفيَّةٌ مفرداتي . وحسِّيَّةٌ رغباتي

ولستُ أنا مَنْ أنا الآن إلاَّ

إذا التقتِ الاثنتانِ :

أَنا ، وأَنا الأنثويَّةُ

يا حُبّ ! ما أَنت ؟ كم أنتَ أنتَ

ولا أنتَ . يا حبّ ! هُبَّ علينا

عواصفَ رعديّةً كي نصير إلى ما تحبّ

لنا من حلول السماويِّ في الجسديّ .

وذُبْ في مصبّ يفيض من الجانبين .

فأنت - وإن كنت تظهر أَو تَتَبطَّنُ -

لا شكل لك

ونحن نحبك حين نحبُّ مصادفةً

أَنت حظّ المساكين /

من سوء حظّيَ أَني نجوت مراراً

من الموت حبّاً

ومن حُسْن حظّي أنيَ ما زلت هشاً

لأدخل في التجربةْ !

يقول المحبُّ اﻟﻤﺠرِّبُ في سرِّه :

هو الحبُّ كذبتنا الصادقةْ

فتسمعه العاشقةْ

وتقول : هو الحبّ ، يأتي ويذهبُ

كالبرق والصاعقة

للحياة أقول : على مهلك ، انتظريني

إلى أن تجفُّ الثُمَالَةُ في قَدَحي ...

في الحديقة وردٌ مشاع ، ولا يستطيع

الهواءُ

الفكاكَ من الوردةِ /

انتظريني لئلاَّ تفرَّ العنادلُ مِنِّي

فاُخطئ في اللحنِ /

في الساحة المنشدون يَشُدُّون أوتار آلاتهمْ

لنشيد الوداع . على مَهْلِكِ اختصريني

لئلاَّ يطول النشيد ، فينقطع النبرُ بين المطالع ،

وَهْيَ ثنائيَّةٌ والختامِ الأُحاديّ :

تحيا الحياة !

على رسلك احتضنيني لئلاَّ تبعثرني الريحُ /

حتى على الريح ، لا أستطيع الفكاك

من الأبجدية /

لولا وقوفي على جَبَلٍ

لفرحتُ بصومعة النسر : لا ضوء أَعلى !

ولكنَّ مجداً كهذا الُمتوَّجِ بالذهب الأزرق اللانهائيِّ

صعبُ الزيارة : يبقى الوحيدُ هناك وحيداً

ولا يستطيع النزول على قدميه

فلا النسر يمشي

ولا البشريُّ يطير

فيا لك من قمَّة تشبه الهاوية

أنت يا عزلة الجبل العالية !

ليس لي أيُّ دور بما كُنْتُ

أو سأكونْ ...

هو الحظُّ . والحظ لا اسم لَهُ

قد نُسَمِّيه حدَّادَ أَقدارنا

أو نُسَمِّيه ساعي بريد السماء

نُسَمِّيه نجَّارَ تَخْتِ الوليد ونعشِ الفقيد

نسمّيه خادم آلهة في أساطيرَ

نحن الذين كتبنا النصوص لهم

واختبأنا وراء الأولمب ...

فصدَّقهم باعةُ الخزف الجائعون

وكَذَّبَنا سادةُ الذهب المتخمون

ومن سوء حظ المؤلف أن الخيال

هو الواقعيُّ على خشبات المسارحِ /

خلف الكواليس يختلف الأَمرُ

ليس السؤال : متى ؟

بل : لماذا ؟ وكيف ؟ وَمَنْ

مَنْ أنا لأقول لكم

ما أقول لكم ؟

كان يمكن أن لا أكون

وأن تقع القافلةْ

في كمين ، وأن تنقص العائلةْ

ولداً ،

هو هذا الذي يكتب الآن هذي القصيدةَ

حرفاً فحرفاً ، ونزفاً ونزفاً

على هذه الكنبةْ

بدمٍ أسود اللون ، لا هو حبر الغراب

ولا صوتُهُ ،

بل هو الليل مُعْتَصراً كُلّه

قطرةً قطرةً ، بيد الحظِّ والموهبةْ

كان يمكن أن يربح الشعرُ أكثرَ لو

لم يكن هو ، لا غيره ، هُدْهُداً

فوق فُوَهَّة الهاويةْ

ربما قال : لو كنتُ غيري

لصرتُ أنا، مرَّةً ثانيةْ

هكذا أَتحايل : نرسيس ليس جميلاً

كما ظنّ . لكن صُنَّاعَهُ

ورَّطوهُ بمرآته . فأطال تأمُّلَهُ

في الهواء المقَطَّر بالماء ...

لو كان في وسعه أن يرى غيره

لأحبَّ فتاةً تحملق فيه ،

وتنسى الأيائل تركض بين الزنابق والأقحوان ...

ولو كان أَذكى قليلاً

لحطَّم مرآتَهُ

ورأى كم هو الآخرون ...

ولو كان حُرّاً لما صار أسطورةً ...

والسرابُ كتابُ المسافر في البيد ...

لولاه ، لولا السراب ، لما واصل السيرَ

بحثاً عن الماء . هذا سحاب - يقول

ويحمل إبريق آماله بِيَدٍ وبأخرى

يشدُّ على خصره . ويدقُّ خطاه على الرملِ

كي يجمع الغيم في حُفْرةٍ .

والسراب يناديه

يُغْويه ، يخدعه ، ثم يرفعه فوق : إقرأ

إذا ما استطعتَ القراءةَ . واكتبْ إذا

ما استطعت الكتابة . يقرأ : ماء ، وماء ،

وماء .

ويكتب سطراً على الرمل : لولا السراب

لما كنت حيّاً إلى الآن /

من حسن حظِّ المسافر أن الأملْ

توأمُ اليأس ، أو شعرُهُ المرتجل

حين تبدو السماءُ رماديّةً

وأَرى وردة نَتَأَتْ فجأةً

من شقوق جدارْ

لا أقول : السماء رماديّةٌ

بل أطيل التفرُّس في وردةٍ

وأَقول لها : يا له من نهارْ !

ولاثنين من أصدقائي أقول على مدخل

الليل :

إن كان لا بُدَّ من حُلُم ، فليكُنْ

مثلنا ... وبسيطاً

كأنْ : نَتَعَشَّى معاً بعد يَوْمَيْنِ

نحن الثلاثة ،

مُحْتَفلين بصدق النبوءة في حُلْمنا

وبأنَّ الثلاثة لم ينقصوا واحداً

منذ يومين ،

فلنحتفل بسوناتا القمرْ

وتسامُحِ موت رآنا معاً سعداء

فغضَّ النظرْ !

لا أَقول : الحياة بعيداً هناك حقيقيَّةٌ

وخياليَّةُ الأمكنةْ

بل أقول : الحياة ، هنا ، ممكنةْ

ومصادفةً ، صارت الأرض أرضاً مُقَدَّسَةً

لا لأنَّ بحيراتها ورباها وأشجارها

نسخةٌ عن فراديس علويَّةٍ

بل لأن نبيّاً تمشَّى هناك

وصلَّى على صخرة فبكتْ

وهوى التلُّ من خشية الله

مُغْمىً عليه

ومصادفةً ، صار منحدر الحقل في بَلَدٍ

متحفاً للهباء ...

لأن ألوفاً من الجند ماتت هناك

من الجانبين ، دفاعاً عن القائِدَيْنِ اللذين

يقولان : هيّا . وينتظران الغنائمَ في

خيمتين حريرَيتَين من الجهتين ...

يموت الجنود مراراً ولا يعلمون

إلى الآن مَنْ كان منتصراً !

ومصادفةً ، عاش بعض الرواة وقالوا :

لو انتصر الآخرون على الآخرين

لكانت لتاريخنا البشريّ عناوينُ أخرى

يا أرضُ خضراءَ . تُفَّاحَةً . « أحبك خضراءَ »ُ

تتموَّج في الضوء والماء . خضراء . ليلُكِ

أَخضر . فجرك أَخضر . فلتزرعيني برفق...

برفقِ يَدِ الأم ، في حفنة من هواء .

أَنا بذرة من بذورك خضراء ... /

تلك القصيدة ليس لها شاعر واحدٌ

كان يمكن ألا تكون غنائيَّةَ ...

من أنا لأقول لكم

ما أَقول لكم ؟

كان يمكن أَلاَّ أكون أَنا مَنْ أَنا

كان يمكن أَلاَّ أكون هنا ...

كان يمكن أَن تسقط الطائرةْ

بي صباحاً ،

ومن حسن حظّيَ أَني نَؤُوم الضحى

فتأخَّرْتُ عن موعد الطائرةْ

كان يمكن أَلاَّ أرى الشام والقاهرةْ

ولا متحف اللوفر ، والمدن الساحرةْ

كان يمكن ، لو كنت أَبطأَ في المشي ،

أَن تقطع البندقيّةُ ظلِّي

عن الأرزة الساهرةْ

كان يمكن ، لو كنتُ أَسرع في المشي ،

أَن أَتشظّى

وأصبح خاطرةً عابرةْ

كان يمكن ، لو كُنْتُ أَسرف في الحلم ،

أَن أَفقد الذاكرة .

ومن حسن حظِّيَ أَني أنام وحيداً

فأصغي إلى جسدي

وُأصدِّقُ موهبتي في اكتشاف الألمْ

فأنادي الطبيب، قُبَيل الوفاة، بعشر دقائق

عشر دقائق تكفي لأحيا مُصَادَفَةً

وُأخيِّب ظنّ العدم

مَنْ أَنا لأخيِّب ظنَّ العدم ؟

مَنْ أنا ؟ مَنْ أنا ؟

وفاة الشاعر الفلسطيني محمود درويش بعد جراحة في القلب


ختار الطريق الوطني وبدت بذور الإبداع الأدبي لديه منذ الصغر
محمود درويش (ا.ب.ا)
لندن: «الشرق الأوسط»
توقف قلب الشاعر الفلسطيني محمود درويش في مستشفى هيوستن في ولاية تكساس الأميركية حيث كان الشاعر يخضع للعلاج بعد جراحة القلب التي اجراها يوم الاربعاء الماضي. وقال طبيبه عبد العزيز الشيباني عبر الهاتف ان محمود درويش توفي قبل 45 ثانية.ويعتبر درويش احد اهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن. كذلك، يعتبر شاعر القضية الفلسطينية والمقاومة، وبين ابرز من ساهموا في تطوير الشعر العربي الحديث الذي مزج شعر الحب بالوطن.
ولد محمود درويش في فلسطين في قرية البروة في الجليل الغربي العام 1942 ودمرت قريته العام 1948 واقيمت مكانها قرية زراعية يهودية باسم «احي هود»، ونشأ وترعرع في قرية الجديدة المجاورة لقريته. التحق في شبابه بالحزب الشيوعي الاسرائيلي وعمل في مجلة «الجديد» وصحيفة «الاتحاد» ولاحقته اجهزة الامن الاسرائيلية ثم فرضت عليه الاقامة الجبرية اعتبارا من العام 1961 حتى غادر العام 1972.
وكان مصدر في عائلة درويش في فلسطين قال، ان درويش، يعاني من حالة حرج صحي خطيرة للغاية في أحد مستشفيات هيوستن في ولاية تكساس الأميركية ويخضع للتنفس الاصطناعي منذ يومين بعد حدوث مضاعفات لعملية القلب المفتوح، وان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، ينوي الطيران إليه قبل وفاته لتوديعه.
وكان محمود درويش قد وصل الى هيوستن لاجراء عملية قلب مفتوح ثانية بالغة الدقة، بعد أن ساءت حالته الصحية كثيرا في الأشهر الأخيرة ولم يعد بالامكان الانتظار أكثر. وانتقل الى هيوستن بتوصية من عدة أطباء كبار في العالم العربي وأوروبا. وساهم أبو مازن في اقناعه بالسفر وقام بتمويل سفره وتكاليف العملية. وتردد درويش في البداية بإجراء هذه العملية، حيث قيل له صراحة ان نتائجها غير مضمونة، إلا انه حسم بالاتجاه الايجابي لأنه لم يكن مفر منها.
وخضع للعملية يوم الخميس الماضي، وبدا في البداية انه ينتعش، لكنه ما فتئ أن دخل في غيبوبة، مما أثار قلق أهله وأصدقائه.
وقبل هذه العملية «خضع درويش لقسطرة في القلب وسلسلة فحوص دقيقة للتأكد من وضعه الصحي الاجمالي واستعداد القلب والكلى خاصة لمثل هذه العملية الاساسية والدقيقة».
واكدت الصحيفة ان الشاعر سبق له ان اجرى عمليتين في القلب سنة 1984 و1998.
وكانت العملية الاخيرة وراء ولادة قصيدته المطولة «جدارية» التي يقول فيها «هزمتك يا موت، الفنون الجميلة جميعها هزمتك، يا موت الاغاني في بلاد الرافدين، مسلة المصري، مقبرة الفراعنة النقوش على حجارة معبد هزمتك وانت انتصرت».
المعروف ان محمود درويش، 66 عاما، هو شاعر فلسطيني اكتسب شهرة عالمية لمستوى ابداعه الرفيع. ولد في بلدة البروة الفلسطينية في الجليل، شرق عكا، واضطر وهو طفل الى الهجرة عنها أثر النكبة الفلسطينية، واستقرت عائلته لاجئة في قرية جديدة القريبة. وما زالت والدته وأشقاؤه وأقاربه في هذه القرية حتى اليوم. ومنذ نشأته شابا اختار محمود درويش الطريق الوطني، وبدت بذور الابداع الأدبي لديه منذ الصغر. وقد استوعبه الأديب اميل حبيبي في صحيفة «الاتحاد» في حيفا سوية مع الشاعر سميح القاسم. وبقدر ما ساهم هذا الطريق في تعزيز خطواته الابداعية، جعله ضحية للممارسات القمعية من الحكم العسكري الاسرائيلي، فاعتقل عدة مرات وفرضت عليه الاقامة الجبرية في البيت.
وفي سنة 1972، غادر درويش الوطن الى موسكو في وفد نظمه الحزب الشيوعي (ركح)، ومن هناك طار الى مصر حيث استقبله الرئيس جمال عبد الناصر ومنحه الجواز المصري ليبدأ مسيرة ذات اتجاه جديد. وقد سافر يومها الى بيروت حيث استقبله رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وضمه الى الهيئات القيادية. ولكن محمود درويش لم يرغب في العمل التنظيمي والسياسي واختار البقاء شاعرا حرا. وقد كتب بيده ميثاق الدولة الفلسطينية.
وقد لقب كثيرا بـ«شاعر المقاومة» لتصويره معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال وصعوبة الحياة في المخيمات الفلسطينية في المنفى.

محمود درويش


ولد عام 1941 في قرية البروة في الجليل، ونزح مع عائلته إلى لبنان في نكبة 1948. وعاد إلى فلسطين متخفيا ليجد قريته قد دمرت، فاستقر في قرية الجديدة شمالي غربي قريته البروة. وأتم تعليمه الابتدائي في قرية دير الأسد بالجليل، وتلقى تعليمه الثانوي في قرية كفر ياسيف.
انضم درويش إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي في فلسطين، وعمل محررا ومترجما في صحيفة الاتحاد ومجلة الجديد التابعتين للحزب، وأصبح فيما بعد مشرفا على تحرير المجلة كما اشترك في تحرير جريدة الفجر.
اعتقل أكثر من مرة من قبل السلطات الإسرائيلية منذ عام 1961 بسبب نشاطاته وأقواله السياسية، وفي عام 1972 توجه إلى موسكو ومنها إلى القاهرة وانتقل بعدها إلى لبنان حيث ترأس مركز الأبحاث الفلسطينية وشغل منصب رئيس تحرير مجلة شؤون فلسطينية، ورئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وأسس مجلة الكرمل الثقافية في بيروت عام 1981 ومازال رئيسا لتحريرها حتى الآن.
انتخب درويش كعضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1988، ثم مستشارا للرئيس الراحل ياسر عرفات، وفي عام 1993 استقال من اللجنة التنفيذية احتجاجا على توقيع اتفاق أوسلو.
عاد عام 1994 إلى فلسطين ليقيم في رام الله، بعد أن تنقل في عدة أماكن كبيروت والقاهرة وتونس وباريس.
بدأ كتابة الشعر في المرحلة الابتدائية وعرف كأحد أدباء المقاومة، ولدرويش ما يزيد على ثلاثين ديوانا من الشعر والنثر بالإضافة إلى ثمانية كتب. وترجم شعره إلى عدة لغات، وقد أثارت قصيدته عابرون في كلام عابر جدلا داخل الكنيست.
نشر درويش آخر قصائده بعنوان "أنت منذ الآن غيرك" يوم 17 يونيو/حزيران 2007، وقد انتقد فيها التقاتل الفلسطيني. ومن دواوينه عصافير بلا أجنحة، أوراق الزيتون، أصدقائي لا تموتوا، عاشق من فلسطين، العصافير تموت في الجليل، مديح الظل العالي، حالة حصار، وغيرها.
كما حصل على عدة جوائز منها جائزة لوتس عام 1969، جائزة البحر المتوسط عام 1980، دروع الثورة الفلسطينية عام 1981، لوحة أوروبا للشعر عام 1981، جائزة ابن سينا في الاتحاد السوفياتي عام 1982، جائزة لينين في الاتحاد السوفياتي عام 1983، جائزة الأمير كلاوس (هولندا) عام 2004، جائزة العويس الثقافية مناصفة مع الشاعر السوري أدونيس عام 2004.

صور للشاعر محمود درويش


محمود درويش
محمود درويش
محمود درويش
محمود درويش
محمود درويش
محمود درويش
محمود درويش
محمود درويش
محمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويش
محمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويش
محمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويش
محمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويش
محمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويش
محمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويشمحمود درويش
محمود درويشمحمود درويشمحمود درويش

محمود درويش
محمود درويشمحمود درويشمحمود درويش
محمود درويش